۵ آذر ۱۴۰۳ |۲۳ جمادی‌الاول ۱۴۴۶ | Nov 25, 2024
الإمام الخامنئي

وكالة الحوزة - بيّن الإمام الخامنئي أنّ هناك حاجة كبيرة إلى أمثال سماحة الشيخ ناصري على مستوى الأخلاق والمعنويّة والإقبال على الله، واعتبر سماحته أنّ سماحة الشيخ كان من بقيّة السّلف وكان الإنسان يستفيد من مجالسته ويشعر باللذّة المعنويّة.

وكالة أنباء الحوزة - ينشر موقع KHAMENEI.IR الإعلامي النصّ الكامل لكلمة الإمام الخامنئي بتاريخ 26/9/2023 في لقاء أعضاء المؤتمر الوطني «السالك إلى الله» بمناسبة تكريم المرحوم آية الله محمَّد علي ناصري. وتحدّث الإمام الخامنئي خلال اللقاء عن الحاجة الكبيرة إلى أمثال سماحة الشيخ ناصري على مستوى الأخلاق والمعنويّة والإقبال على الله، واعتبر سماحته أنّ سماحة الشيخ كان من بقيّة السّلف وكان الإنسان يستفيد من مجالسته ويشعر باللذّة المعنويّة.

بسم الله الرحمن الرحيم
أعلى الله درجات الشيخ ناصري، إن شاء الله. نسأل الله أن يجعله مشمولاً بلطفه الخاص - إذ لا شكّ كذلك أنَّه مشمول باللطف الإلهي - وأن يعوّضنا فقده. إنَّ وجود أمثاله مغنم كبير بحق. نحن محتاجون للغاية إلى ذلك الشيء الذي في وسع أمثال الشيخ ناصري تأمينه للمجتمع: الأخلاق، والمعنوية، والإقبال [على الله]. ليحفظكم الله[1] أنتم وسائر السادة أيضاً إن شاء الله.
هذا البرنامج الذي عَرضه السيد من أجل مؤتمر تكريم المرحوم الشيخ ناصري (رضوان الله عليه) هو برنامج جيد، أي لُوحظت جوانب الموضوع. لكن ما هو مهم أن يتسنى لكم إيصال هذه العناوين إلى ذهن المُخاطَبين ضمن شرح علميّ ومُتقن، فنحن بحاجة اليوم إلى هذه الأمور. حينما يلتقي شخصٌ مثل الشيخ ناصري نفسه مع الناس وجهاً لوجه يكون الأمر سهلاً، لأنَّ هذا الكلام الذي يصدر عن شخص كالشيخ ناصري هو كلام قلبي ومعنوي ونابع من الإخلاص ومن الإقبال [على الله]، فلا يوجد فيه تعقيد وليس فيه مصطلحات، ولا يُؤطَّرُ ضمن إطار علميّ خاص، بل هو كالماء الجاري يفيض من القلب ويجري، ومن يستمعون لا يواجهون أيّ مشكلة، فكأنَّهم جالسون عند نبع ويشربون الماء. ما الذي حلَّ المشكلة؟ ذلك الإخلاص نفسه، وذلك النَّفَس الدَّافئ نفسه والروح المتَّصلة بالألطاف والعنايات الإلهية. هذا ما يحلُّ المشكلة. حينما يكون هو نفسه – هو أو أمثاله – حيّاً ويتحدَّث، يكون الأمر كذلك. لكن حينما نريد إبلاغ هذه المفاهيم، نغدو الواسطة، وتخلق هذه الواسطة حجاباً. لا مناص من ذلك، أي إذا أردنا إبلاغ هذا الكلام فهذه الأمور ضرورية في نهاية المطاف. هذه الكتابة نفسها والتفريغ والترتيب والتبويب وأمثالها أمور ضرورية، ولا مفر من ذلك. لكن لن يكون بعدها ذلك النقاء والمعنوية وذلك التألُّق والبهاء الذي كان في حياته. علينا أن نعوِّض هذا بطريقة ما. فَبِم يكون تعويضه؟ بأن نُتْقِن الموضوع، وبأن نُنْضِجه، وبأن نختار ألفاظاً وأدباً للتعبير أدباً فاخراً – هذه هي الأمور المهمة – ونُعِدَّ هذه الأمور بما يتناسب مع فكر المُخاطَبين وعقولهم. ففي النهاية هنالك اختلاف بين طالب جامعي وشخص غير علميّ، وطالب علوم وشخص كبير في السن، فلكلٍّ مزاجه، ولكلٍّ تقبُّله؛ تجب مراعاة هذه الأمور. في رأيي إذا أردتم أن يتحقَّق هذا المؤتمر بما يتطابق مع نيَّتكم وهدفكم، يتعيَّن عليكم مراعاة هذه الجوانب.
كان المرحوم الشيخ ناصري من ضمن «بقيَّة السَّلف»، أي كان نموذجاً عن أولئك الذين قد سمعنا أسماءهم. وكان الإنسان يستفيد من مجلسه، وكانت مجالسته تمنح المرء لذَّة معنوية. حتى الأحاديث العادية التي كانت تُقال هي كذلك، أي لم يكن الأمر على نحو - افترضوا مثلاً - أنه كان مجلساً درسيّاً وبحثيّاً بذلك الشكل. لا، فحتى الكلام العادي الذي يُقال كان ينتفع الإنسان به. وُفِّقنا لنكون في محضره بضع جلسات. كان هو أيضاً قد استفاد من المرحوم سماحة السيد جمال[2]. لا أذكر الآن بدقَّة أنَّه هو نفسه قال إنَّ والده كان من أصحاب السيد جمال، أو أنه نفسه أيضاً استفاد منه مباشرةً. توفّي المرحوم السيد جمال عام 1336 (1957) وكان المرحوم الشيخ ناصري من مواليد 1310 (1930)، أي كان عمره ستة وعشرين عاماً حينما توفّي. عليه، يُمكن أن يكون قد أدركه. روى لنا قصَّة عن المرحوم السيد جمال، وقد سمعت هذه القصة مرَّتين إلى ثلاث منه. كانت المرّة الأخيرة حين كنت مريضاً في المستشفى، وجاء لعيادتنا، فأجْلَسْتُهُ وقلت: اِروِ لنا كرَّةً أخرى تلك القصة، فرواها بالتفصيل. على كل حال، كان عُنصراً قيِّماً. كان الشيخ ناصري نعمةً بحق خاصة لأهالي أصفهان الذين كانوا يجلسون تحت منبره ويُصغون ويستمعون منه مباشرة.
نأمل إن شاء الله أن يربى أشخاصٌ من أمثاله ويسموا ويكونوا مفيدين للناس. بالطبع إنَّ هذا الزمن - بلا شك - لا يخلو من أشخاص بارزين، وعلينا أن نفتِّش لنعثر عليهم ونستفيد منهم وننتفع. أعلى الله درجاته، وليحفظكم الله وليُبقِكم، إن شاء الله. كذلك فليجعل هذا التكريم مفيداً، إن شاء الله. موفَّقون ومؤيَّدون. حفظكم الله، إن شاء الله.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

[1] المقصود هو نجل آية الله الشيخ ناصري، حجّة الإسلام الشيخ جعفر ناصري
[2] آية الله السيد جمال الدين الكلبايكاني.

ارسال التعليق

You are replying to: .
captcha